الاحتراق الذاتي البشري (SHC)
الاحتراق الذاتي البشري (SHC)
الاحتراق بشكلٍ عام يحدث نتيجة تأثير كيميائي متبادل بين المادتين، ونتيجة هذا التأثير ترتفع درجة حرارة المادة تدريجياً و تنبعث منها غازات و تلتهب، حيث يبدأ الاحتراق بمناطق المادة الضعيفة و المتهشمة، وبالتأكيد تختلف درجة حرارة الاحتراق (قابلية الاشتعال) من مادة لأخرى تبعاً للتكوين الكيميائي، فمنها ما يسمى سهل الاشتعال و منها ما يطلق عليه عسير الاشتعال.
و لكن بعد أبحاث العلماء و التدقيق و جدوا نوعاً آخراً من أنواع الاحتراق بقي حتى يومنا هذا لغزاً محيراً و هو الاحتراق الذاتي.
الاحتراق الذاتي البشري (Spontaneous Human Combustion)
تحدث ظاهرة الاحتراق الذاتي في الجسم نتيجة حدوث تسخين و ارتفاع في درجة الحرارة فوق المعدل الطبيعي بشكل تلقائي دون وجود مصدر حراري خارجي مؤثر، حيث يحدث هذا التسخين المفاجئ نتيجة العمليات الحيوية الداخلية في الجسم و التفاعلات التي تحدث (و التي يصنف بعضها بأنه تفاعل ناشر للحراة)، فنشاهد الجسم يحترق و يلتهب كما لو أنه عود ثقاب.
كما أسلفت سابقاً بأن ظاهرة الاحتراق الداخلي تحدث بشكل تلقائي في جسم الإنسان دون وجود عوامل خارجية مؤثرة ما ينتج عنه آثاراً لحروق طفيفة قد تمتد لاحتراق الجسم كاملاً بعد وصول درجة حرارته إلي ما يزيد عن 1450 درجة مئوية، وقلما ما ينجو الشخص المُتعرض لهذه الحالة من الموت و لكن في حال النجاة يبقى مشوهاً أو فاقداً لبعض حواسه و قدراته الطبيعية، و يُرَجّح العلماء بأن درجة الحرارة هذه لا تؤدي إلى تفحم الجسم بشكل كامل- كما لو تم حرق الجثة- فإن ذلك يتطلب درجات حرارة أعلى من ذلك بنحو الضعف تقريباً (أي 3000 درجة مئوية).
ما زالت الأسباب الجوهرية لهذه الظاهرة غامضة نوعاً ما و قيد البحث، ولكن يضع العلماء بعض الأسباب المبدئية:
- الإكثار من تعاطي الكحوليات بأنواعها المختلفة، حيث و كما يعلم الجميع أن الكحول من المواد القابلة للاشتعال السريع، ولكن مازال السبب غير مثبت تماماً و قيد التجريب على بعض الحيوانات للتأكد من صحته، وما يزيد من غرابة الموضوع أن معظم المدمنين قد يغطون في نومٍ عميق تحت تأثير الكحول و السيجارة ما تزال في فمهم و هذه ستكون بمثابة الشرارة التي أشعلت الفتيل-بحسب قولهم-
- أورد العلماء سبب السمنة و البدانة المفرطة لدى البعض و لكن سرعان ما تم نفي هذا السبب بعد أن تبين لاحقاً وجود حالات احتراق ذاتي لمن يعانون من الضعف أيضاً.
- الارتفاع عن المعدل الطبيعي للكهرباء الساكنة في جسم الإنسان الأمر الذي يولد طاقة داخلية كبيرة كفيلة برفع درجة حرارة الجسم و حدوث الكارثة.
- النظام الغذائي السئ و عدم مراقبة ما يدخل لأجسامنا أيضاً قد يكون سبباً وجيهاً في حدوث ذلك، فمثلاً تناول مادتين متعارضتين كيميائياً قد يؤدي لحدوث تفاعل يسبب أذية في الجهاز الهضمي و قد تتطور الأحداث لحدوث انفجار عام في الجهاز الهضمي.
- حدوث خلل كهربائي (ماس كهربائي) لأسباب مجهولة حتى الآن تؤدي لحدوث نشاط كيميائي متسلسل يولد بدوره طاقة حرارية كبيرة.
حالات احتراق عبر التاريخ:
تم الإبلاغ عن حوالي 200 حالة في جميع أنحاء العالم، رُصدت أول حالة لسيدة أربعينية تدعى "نيكول ميليت" وذلك في أوائل عام (1637)، وكانت الحالة الثانية من نصيب رجل فرنسي مدمن للكحول و بحسب المعلومات المتوافرة فإنه بدأ بالاحتراق تدريجياً بعد دقائق قليلة من نومه ليتحول لجثة هامدة بوقت قصير.
ما يجعل الأمر أكثر تعقيداً و سبباً للرعب بحسب ما قاله المؤلف البيولوجي و الأستاذ في جامعة ليسيستر "بريان فورد" فإن هذه الظاهرة تحدث بشكل مفاجئ كما او أنك (تضغط زناد سلاحك الحربي) و تحرق الأعصاب خلال دقائق معدودة.
و أضاف قائلاً أن من يتعرض لهذه الظاهرة فهو يواجه أقصى و أصعب أنواع الألم على الإطلاق حيث ستكون مستقبلات الألم في الجسم على تماس مباشر مع هذه الظاهرة.
و خلال كل هذا الاختلاف و التخبط بين العلماء، صرح عالم الدماغ في جامعة ييل "ستيفين نوفيلا" أن كل ما يُطرح من أسباب حول هذه الظاهرة مثيراً للضحك و كلها لا أساس لها من الصحة و يمكن تفسير هذه الظاهرة منطقياً -على حسب قوله- فالأمر بسيط جداً، فبعد الرجوع إلى ملفات الضحايا تبين وجود مصدراً واضحاً للنار كالسجائر أو الشموع أو القناديل التي بطريقة ما تُشعل النار في ضحاياها.
أما عن أسباب عدم احتراق الأطراف، فسر ذلك بظاهرة تدعى (تأثير الفتيل) حيث تكون الملابس بمثابة الفتيل في حين أن دهون الجسم تكون خزان الوقود، وتكون الدهون الضارة التي يفرزها جسم الضحية سبباً في استمرارية احتراق الملابس و هذا ما يؤدي لظهور مادة زيتية بنية اللون تُغطي الجدران القريبة كالأطراف و تخفف من التهام النار لها.
إليكم بعض الصورحول هذه الظاهرة، لاحظوا بقاء الأطراف و عدم احتراقها كما افترض "ستيفين نوفيلا"
ليست هناك تعليقات